آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

وداعاً نسيب لحود - ميشال نوفل (المستقبل)

السبت 4 شباط 2012

يرحل نسيب لحود قبل أوان الرحيل.

يحمل مشروعه حلمنا ويمضي الى ما بعد الموت.

يترك علامات بارزة على الطريق الآيل لا محالة الى الخلاص، سيكون صعباً تجاهلها أو اغفالها بعده، ومنها ان السياسة في زمن الربيع الديموقراطي العربي التزام صادق تجاه المجتمع، ومسؤولية يحاسب عليها الشعب؛ وان السياسة ممارسة أخلاقية تلزم بالشفافية والنزاهة والتواضع والابتعاد عن نزعة الاستعراض واحترام عقول الناس والاقتراب من انسانيتهم. وأخيراً ان السياسة في مجتمع منفتح ومتعدد مثل لبنان تلزم بالوعي بالعالم والاقليم والمحيط الجيوسياسي ولعبة الأمم وتحولاتها وتوازناتها.

يرحل النسيب الحبيب ولا يسقط من الذاكرة. يترك الميدان بخفر وكبرياء الكبار، مخلفاً وراءه سجلاً ناصعاً مثل جبل صنين فيه انه لم يساوم على النهج التقدمي الذي جعله يتخلى عن تقليد “العائلة السياسية” و”التوريث” لينحاز الى خيار المجتمع المدني فكراً وعملاً، وأنه تبنى والفريق العامل معه مفهوماً للدولة والمصلحة العامة يستند الى معايير الكفاءة والخبرة والانجاز بعيداً عن المحاصصة والمحسوبية والزبائنية.

ولا ننسى بالطبع مقاربته لهوية لبنان العربية واعلاء شأن القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية، في خطاب استراتيجي جديد لفهم علاقة لبنان بالديناميات الاقليمية.

والحق يقال إن أرباب الأحزاب العائلية الأبدية والمافيات السياسية المطلة حديثاً على المسرح، حاولوا “معاقبة” ابن العائلة العريقة على خروجه عمّا يعتبرونه “قدس الأقداس” للطبقة السياسية التقليدية؛ عاقبوه لكسر عنفوانه واستقامته وتبديد القيمة المضافة التي أدخلها على الحياة السياسية فرفض الانصياع للعبتهم وخرج منها بإرادته ولم يخرجوه..

قد يكون تجار الهيكل أصابوا منه مقتلاً، وهو الانسان الحساس المرهف، الفخور بقدومه الى العمل السياسي من خارج النادي المقدس العائلي والطائفي. وليس مغالاة القول إن رئيس “التجدّد الديموقراطي” تعرّض للاغتيال السياسي مرتين، الأولى على أيدي الاستبداد السوري وضوابط الوصاية، والثانية على أيدي ملوك الطوائف والعصبيات.. نسيب أخذ سره معه، والله أعلم بأسرار عباده، لكن وطأة المرض قد تكون اشتدت عليه في ظل ترفعه عن الصغائر ورصانته، وتالياً التزامه الصبر والصمت.

وداعاً ايها الرئيس المثقف العارف بشؤون عصره والعالم، صاحب الذوق الغني الرفيع، والقارئ الواسع الأفق. كنا على موعد للقاء نتناول فيه عادة الشؤون الاقليمية والدولية، وكنت أحضرت له كتاباً ممتعاً حول تجربة جيلنا، جيل الحُلم والخيبات، لكن القدر كان أقوى.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: