آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

الأمن القومي والارهاب على الطريقة الاسرائيلية - رفيق خوري (الأنوار)

الثلاثاء 23 كانون الثاني 2018

حرب سوريا تدار منذ البدء بقدر كبير من التواطؤ السياسي والعسكري. بعضه مكشوف، وبعضه الآخر ملتبس. توظيف أعداء. بيع حلفاء. تبادل الارتياب بين قوى اقليمية ودولية ومحلية توحي انها في خط واحد. وتبدّل الولاءات والمواقف تبعا لتبدّل المصالح والمواقع. لكن ادارة العملية العسكرية التركية في منطقة عفرين تشكّل قمة التواطؤ والخداع. وليس أكبر من الخداع الأميركي سوى الخداع الروسي تحت عنوان القلق حيال الاندفاع العسكري التركي. فلا أحد يصدّق ان الرئيس رجب طيب أردوغان أعطى الأمر بالهجوم البرّي والجوّي على قوات حماية الشعب الكردية من دون ضوء أخضر روسي وآخر أميركي. ولم يكن التراجع عن التهديد بمواجهة ما سمّته دمشق العدوان الغاشم واكتفاء طهران بابداء الأسف والقلق سوى موقف أملته المصالح مع موسكو.

 

 

ذلك ان أردوغان اشترى الضوء الأخضر بثمن سياسي وعسكري. الثمن السياسي في مؤتمر سوتشي. والثمن العسكري هو الحدّ من التوغّل في الشمال السوري المقرر ان يمتدّ الى منبج وصولا الى الحدود السورية - العراقية، بحيث تكون العملية محدودة في المكان والزمان. وليس واضحا مدى الانقلاب المعلن في موقف تركيا من رعاية داعش والنصرة الى المشاركة في محاربتهما. لكن الواضح هو اعتبار ان عدوها الفعلي والخطير تمثله قوات الحزب الديمقراطي الكردي المتهمة بأنها فرع سوري لحزب العمال الكردستاني التركي.
والواقع ان أردوغان، بصرف النظر عن موقفه من الاحتلال الاسرائيلي ومسارعته الى عقد قمة اسلامية دفاعا عن القدس، يتحرك في شمال سوريا على الطريقة الاسرائيلية. وليس الوحيد في ذلك. فالشعار الذي يخوض به المعركة هو الأمن القومي ومحاربة الارهاب. وهذا عمليا هو المفهوم الذي طبّقته اسرائيل. إذ هي أقامت الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني لمنع أي تهديد لأمنها القومي الذي قال الجنرال شارون انه يمتد الى الباكستان. وهي كانت ولا تزال تسمّي المقاومين مخرّبين وعمليات المقاومة ضد الاحتلال ارهابا.
أليس هذا ما تفعله تركيا؟ القوات الكردية على حدودها مع سوريا ارهابية. كذلك الكرد في تركيا ولو كانوا نوابا في البرلمان مثل نواب حزب الشعوب الديمقراطي المسجونين بتهمة تأييد الارهاب. والمنطقة التي تحتلها من سوريا تسمّيها منطقة آمنة لحماية الأمن القومي التركي. لكن الخيارات العسكرية ضدّ الكرد كانت ولا تزال فاشلة مهما أوقعت من ضحايا ودمّرت من عمران. والسؤال البسيط هو: الى أين الهرب في تركيا وسوريا والعراق وايران من حقوق الكرد الانسانية كمواطنين، بصرف النظر عن طموحاتهم القومية المخنوقة منذ مئة عام؟
من المفارقات أن تكون الضحيّة الأولى لعملية غصن الزيتون هي أشجار الزيتون في عفرين.
 


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: