آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

كلمة العلامة السيد هاني فحص
في حفل إحياء ذكرى نسيب لحود

الثلاثاء 19 حزيران 2012

أن اشهد، بجبتي وسواد عمتي، للحق في نسيب لحود، الماروني العلماني، ونحن منقسمون على الربيع العربي، بين مزكوم لا يشم رائحة الياسمين، وكسول يزرع في غير أرضه .. فإني أشهد بأن الله قد وهبني القدرة على رؤية لبنان المرتجى في نسيب لحود وأمثاله، وهم كُثُر وإن قلّوا، أو هم قليل وإن كثروا.
لقد أسفت لأني اكتفيت منه بلقاءات الصدفة، ونعمة الإلماح الى التقدير والمودة المتبادلة .. على ما تقتضي العجالة، من حذف لفضول الكلام لأن نسيب من أهل الحياء.
وعندما تمكّن منه المرض، كان هو قد تمكن من قلبي وعقلي، وهاتفته مطمئناً الى صحته النفسية، قلقاً على صحته الجسدية، خلاف كثيرين. يقول جلال الدين الرومي "وصورة الرفعة تكون للأجساد والأجساد إذا قيست بالمعنى تكون مجرد أسماء".
وفهم مني الرجل أني اصطفيته لي وللبنان، من دون شروط، وعندما تسقط شروطك عن أحد، لا تسقُط، ولكن الرجل يكون قد أصبح شرطاً بذاته .. أعني .. أن نسيب لحود حتى وهو على فراش المرض، ثم على الأكف، كان يمثلني ..

عندما تلا بيان ترشحه للرئاسة، رأيت فيه شغل جماعة يرئسها كما ترئسه، على معنى الديموقراطية، فقررت أنه رئيس جمهوريتي، من دون المساس بمقام أو شرعية أحد .. وكدت أن أغتر باختياري، لو لم أكتشف أني غير متفرد فيه .. بل معي، حتى خصومه السياسيون، سوى أفراد لا يرون في أحد خيراً.
ما ذكرته في محضر إلا وكان اتفاق على استقامته .. ومرة قطعت السيدة بهية الحريري حوارنا وأصغت بلهفة الى نتائج انتخابات المتن . وعندما سمعتْ اسمه في الفائزين تنهدت وابتسمت وقالت : الحمد لله. فقلت : ولكنه ليس في صفكم ! فقالت : نسيب أهم من الصفوف.

بعد عودته من باريس، داومت على متابعة وضعه بالهاتف أو مع انطوان وحارث ومالك .. ثم زرته وفصّلت ما كنت أُجمله من ثقة بعقله وخلقه وضرورة تحوله أو تحويله من حالة الى ظاهرة تصبح رافعة .. ونسيت حرج وضعه الصحي، بسبب الفرح الطفولي الطافح في عينيه.
زرته في بيت أبيه، الذي يستطيع، إن شاء، أن يفاخر به، ولم يفعل، لأنه قرر أن يضيف اليه، لا أن يتعيش عليه .. وتذكرت كلامي الطبقوي في شبابي .. لا أنوي خيانة الفقراء .. ولكن نسيب لحود من أهل المال والأعمال .. ولكنه أنسانا ذلك .. لأنه .. يقول عليّ "ليس الزهد أن لا تملك شيئاً بل الزهد أن لا يملكك شيء" .. ويقول يعقوب : "وليفتخر الأخ المرتفع بارتفاعه، وأما الغني فباتضاعه، لأنه كزهر العشب يزول". وقد علمنا انه عطل شركته في لبنان ولم يذكر في مجالس الشكوى حسداً من الفساد ! واستمر مرجحاً الكرامة من دون نيابة، على النيابة من دون كرامة .. مصراً على إنتاج الديموقراطية بالشراكة والحوار .. كأنه كان من واضعي الميثاق اللبناني في منزل يوسف السودا ..
كانت يمناه ضعيفة ونظيفة، وكانت يسراه تأتمر بقلبه، ولسانه وراء عقله، حتى طالت قامته وقصرت عبارته، وارهقت روحه بدنه فقصر عمره .. وأعمار الطغاة اقصر .. وكانت عيناه تريان أكثر مما تبصران، الى لبنان من لبنان، لا على حساب أحد، ولا لحساب أحد، ولحساب الجميع على طريق دولتنا المنشودة المتطورة قوة بالعدالة وعدالة بقوة، ومن داخل سياقها الذي قطعناه لحساب الأمة كذباً وخداعاً وعلى حساب الوطن فعلاً .. آثر النسبية في علاقته بفريق الرابع عشر من آذار، يقطع أو يتواصل في حدود الضرورة، يلتبس ويتمايز، مازجاً بين الود والنقد، موافقاً في الغاية مدققاً في الوسيلة، محققاً بذلك فرادةً، ما زالت الأحزاب بحاجة الى احترامها والحرص عليها.
وكان خارج الثامن من آذار، من دون أن يعطي فرصة لكارهيه منهم، فرصة للراحة في إظهار غيظهم منه، واما عقلاؤهم، فكانوا يخفون بصعوبة رغبتهم في أن يكون أقرب اليهم أو أقل بعداً.
وآثر أن لا يزحف، لا داخل الحدود ولا خارجها، لا ذهاباً ولا إياباً، حفاظاً على سلامته، جسداً وروحاً، وسلامة لبنان سيداً شقيقاً.
وأعلن ترشحه للرئاسة .. فرداً على نهج، كما يليق بالمواطن أن يكون، وتكون له دولة حق وقانون، تستوعب الطوائف كمتحدات اجتماعية، وتتجاوزها .. ولم يعتمد على عصبية أو زبائنية أو خطابات قابلة للتنصل .. واجتمعت حوله ثلة آثرت النص على الشخص، وأحبت الشخص من أجل النص.
وكان برنامجه مجانباً للعقائدية نازعاً الى ليبرالية راشدة، محتكمة الى نظام أفكار وقيم تتلاقى فيه الأخلاق بالسياسة والادارة . وعندما ينتخب الشعب اللبناني ممثليه ورؤساءه بعيداً عن سلوك القطيع، سوف يقترع لصالح برنامج نسيب لحود، المفتوح على التجدد الديموقراطي .
" أرأيت من حملوا على الأعوادِ ارأيت كيف خبا ضياء النادي ".
نسيب لحود .. أصابعنا وأقلامنا .. شموع لناديك .. ونذور لوطنك ودولتك .
رئيس جمهورية القلوب
" لا أربعون ولا عام ولا عُمُرُ الآن صمتك في ألحاننا وَتَرُ "
 


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: