آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

موت حلم - عباس بيضون (السفير)

السبت 4 شباط 2012

ينطفئ نسيب لحود فيما الطبقة السياسية تتعارك، حلفاؤها وخصومها، على محاصصة لا تقيم دولة ولا تعني أحداً، إنما هي فصل جديد من فصول تدمير الدولة وتعميق الانقسام الاجتماعي والوطني. سيكون غياب نسيب لحود في أثناء هذه العاصفة المفتعلة والمعركة من أجل المعركة لتغذيه معارك مقبلة، مناسبة لنعرف ان الجمهورية تخسر فرسانها والاستقلال يخسر أركانه. الموت حق لكن رحيل نسيب لحود هو موت الرمز. انه إشعار بفساد الحياة السياسية وغياب النخبة عن مشروع المستقبل بل غياب المستقبل نفسه، إذ ان المعارك التي تجر المعارك ليست سوى تخليد حاضر مقيت. موت نسيب لحود هو بهذا المعنى انطفاء حلم. فالرجل الذي كان فريداً حيثما حل، ومستقلاً حيثما حل، كان همه تحويل الموقع النيابي والمناطقي والطوائفي إلى استشراف وطني فيما يسعى الآخرون اليوم إلى إغراق كل موقع نيابي او مناطقي او طوائفي في الحضيض الطائفي، وفيما يهتمون بإثارة للعصبية تتغذى من إثارات سابقة، والنتيجة كما نرى هي المتاجرة بضعف الدولة وعجزها والمتاجرة بانقسام المجتمع وعصبياته. الموت حق، لكن رحيل نسيب لحود هو موت النموذج. من سيفكر بعد نسيب لحود بإقصاء أعماله الاقتصادية عن لبنان كي لا تتداخل غاياته السياسية مع الاقتصادية وليكون حراً ومنزها في نشاطه السياسي. لا أحد بعد نسيب لحود سيفكر هكذا، ولن يطلب أحد من أحد ان يفكر هكذا فالنزاهة والحرية ليستا بعد في نماذجنا وليستا بعد من شروطنا. إذ ان الانحدار السياسي بلغ مداه، ولم يعد الخلط بين الشخصي والعام وبين العصبية والسياسة وبين المال والموقع أمراً مستغربا. من سيفكر بعد نسيب لحود في أن يسمو بالعصبية إلى موقع وطني. من سيكون همه الدولة وبرنامجه الدولة وسط ظرف الدولة فيه تتفتت والدولة فيه تنوء تحت العصبيات والصراع الأهلي والمحاصصات. من سيكون أمله في ان يهذب اللغة السياسية والسجال السياسي، وان ينقّيهما ويؤلف منهما خطاباً جامعاً بعد أن غدت اللغة سوقية والسجال تهريجاً. الموت حق، لكن موت نسيب لحود سيزيد من عزلة النخبة اللبنانية وسيُفقدها واحداً من أهم أصواتها ونموذجا جمع بين النزاهة والشجاعة والألمعية. سنحزن لموت نسيب لحود حزننا على أنفسنا وبلدنا ومستقبلنا.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: