آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

نسيب لحود رئيسٌ انتخبه الناس - سركيس نعوم (النهار)

الجمعة 3 شباط 2012

صديقي نسيب لحود. اعتذر منك وأنت في طريقك الى السماء، لأن ظروف العمل والسفر التي استجدت عليّ في الشهرين الماضيين لم تسمح لنا بالالتقاء كالعادة للقيام بجولة أفق سياسية وصريحة. وأعتذر منك ايضاً لأنني صدّقت الاطباء الذين طمأنوك الى تخلصك من المرض اللعين. نبرة صوتك الواثقة، بين عيدي الميلاد ورأس السنة الماضيين، طمأنتني، فلم أخرق “دوام” العمل الدائم لأراك بل لأودعك، وهذه حسرة ستلازمني ما بقيتُ حياً.

صديقي، لا شك في أن عائلتك الصغيرة خسرت برحيلك المبكر الكثير، ولا شك في أن عائلة لحود الكريمة، خسرت أحد اكثر رموزها نزاهة ووطنية. لكن لا شك ايضاً في ان لبنان خسر برحيلك سياسياً نظيفاً غير فاسد وغير مُفسِد، اوقف عند احترافه الشأن العام قبل عقدين اعماله في لبنان، وذلك تلافياً لأن تصبح مواقفه السياسية رهينة المحافظة عليها بل تكبيرها، وتسبّب ذلك له بخسائر كبيرة حاول اخيراً ان يعالجها بسياسة تقشف، لكنه لم يندم يوماً على ما فعل.

وخسر لبنان ايضاً سياسي المواقف المنطلقة من ثوابت مبدئية وطنية لا مكان فيها للطائفية والمذهبية والاستغلال، ولا للتبعية داخلا وخارجاً، وإن كان الثمن خسارة أهم المواقع.

وخسر لبنان ثالثاً برحيلك الكرامة في السياسة، والعنفوان والصراحة في التعاطي مع الدول التي تعاطت مع الشأن اللبناني. وخسر رجلاً آمن، وخلافاً للسائد، بأن ممارسة الشأن العام تتم من فوق الطاولة وليس من تحتها، كما آمن بأن الحوار الشجاع والصادق هو الذي يحل مشكلات لبنان لا الحوار الموجّه بـ”الريموت كونترول”. والأدلة على ذلك اكثر من ان تحصى. لكن يكفي هنا أن أشير الى امرين عايشتُهما، أولهما امتناعك عن زيارة دمشق لمقابلة الرئيس بشار الاسد يوم كان لا يزال مسيطراً على لبنان وسوريا. الامتناع رفضاً منك لزيارة من كنت معهم على خلاف سياسي، بل وطني أنت الذي آمنت بالحوار مع الجميع. وسبب امتناعك كان رفضاً لشرط وضعته دمشق، وهو عدم الاعلان رسمياً عن الزيارة والمباحثات تلافياً لاغضاب “حليفهم الرسمي الاول” في لبنان. اما ثاني الأمرين فكان اتهامك من اخصامك في الداخل وفي سوريا بأنك حليف المملكة العربية السعودية، وبأنها حاميتك وداعمتك. وقد تحدثت معي عن هذا الأمر في لقاء قبل سنوات طويلة وكنت تشعر بمرارتين. مرارة ظلم الاخصام ومرارة تجاهل “الأقرباء” السعوديين. قلت لي: “الا تتساءل لماذا لم تسعَ العربية السعودية “قريبتي”، وهي في أحسن علاقة مع آل الاسد، الى اقناعهم برفع “الفيتو” عني”. وتابع: “هذا دليل على “أن القرابة” عندي ليست تبعية. وأنا أمارسها في السابق، ولن امارسها ما حييت”.

هل يعني ذلك أن مسيرتك يا نسيب لحود السياسية والوطنية لم تتخللها اخطاء مهمة ولا سيما أنك بشري مثلنا جميعاً؟

لا أعتقد انك ارتكبت خلال هذه المسيرة أخطاء وطنية. لكن كي أكون منصفاً معك، كدتَ يا صديقي ان ترتكب خطأ وطنياً لقبول انتخابك رئيساً للجمهورية بأكثرية النصف زائد واحد، وفي ذلك مخالفة للدستور. لكنك لم تقع في الخطأ.

في النهاية اسألك يا صديقي لماذا أسرعت بالرحيل؟ وهل اشتقت الى صديقيك العزيزين جداً النائب السابق نديم سالم والسفير السابق سهيل شماس اللذين سبقاك الى دنيا الخلود؟ وأطمئنك الى انك عشتَ رئيساً ورحلتَ رئيساً إنتخبه الناس.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: