آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

نسيب لحود - حازم الامين (موقع لبنان الان)

الخميس 2 شباط 2012

مات نسيب لحود، ويبدو ان لهذا الموت مضموناً رمزياً أيضاً. ذاك ان موته الجسماني سبقه موت أصاب من يشبهونه، أو من يتمنون مشابهته. أولئك الذين نزلوا الى تظاهرة “14 آذار” من خارج طوائفهم وأحزابهم ومناطقهم. نعم لقد متنا قبل ان يموت نسيب لحود. لا بل ان موت الرجل مثل تتويجاً وتطويباً لموت سياسي كبير بدأ يزحف من اليوم الثاني لنجاح التظاهرة.

نسيب لحود الآتي الى التظاهرة من موقع استثنائي في الحياة العامة في لبنان، كان الرجل الوحيد في “14 آذار” الذي كنا نقول اننا نشبهه من دون ان نشفعها بعبارة “للأسف”، وهو اذ أطاحت به “14 آذار” في الانتخابات الأخيرة، كان سبق ان أطاحت بنا أيضاً، ومرة ثانية كانت إطاحته تتويجاً لاطاحتنا.

الرجل الذي جاء الى جنازة الرئيس رفيق الحريري من موقع خصومة حكومات الحريري الأب الاقتصادية، والذي لم يتمكن ميشال المر من حرمانه من مقعد نيابي متني على رغم جهوده الهائلة، والذي هزم رئيس الجمهورية اميل لحود في بلدته بعبدات، والذي اعتقد ذات يوم ان بول أشقر يمكن ان يكون على رأس حملته الانتخابية، وانه يجب مصالحة جورج حاوي مع أصوله المتنية، نسيب لحود هذا مات بالأمس متوجاً موت وهم كان ساورنا ذات يوم. وبينما قُتل جورج بعبوة في المصيطبة، ها هو بول هائم مع جماهير السامبا من فقراء أميركا اللاتينية شاهراً في وجوهها بطاقة صحافية منتهية الصلاحية.

وخلافاً لما هو شائع عن نسيب لحود لجهة ضعف متنيته لحساب لبنانية جديدة وتقدمية، فإن الرجل يشبه المتن على قدر مشابهته تلك اللبنانية. فهو المتني القادم الى الشأن العام من الموقع السياسي العائلي والتقليدي ابناً وحفيداً، وهو مغادر هذا الموقع الى جوهر سياسي متقدم وحديث. ونسيب لحود بهذا المعنى لحظة نادرة، ذاك ان العائلة السياسية في لبنان لطالما زودتنا بشبابها الجدد مستولدة عبرهم مسوخ آبائهم وأجدادهم، في حين استولدت عبر نسيب المعنى الحقيقي والواعد لتعاقب الاجيال.

هل كان علينا ان ندرك باكراً ان لا مكان للرجل في جمهوريتنا؟ لقد فعلنا ما يشبه ذلك عندما أيقنا ان لا مكان له على رأس جمهوريتنا. ففي يوم اعلان ترشيحه الى الرئاسة عندما أعلن برنامجه أمام اللبنانيين من الـ”بيال” غير مبتعد خطوة واحدة عن موقعه في “14 آذار 2005″ وغير مقترب خطوة واحدة نحو حلفائه الجدد، يومها كنا نعلم ان الرجل لن يكون رئيساً للجمهورية. فالرئيس في لبنان هو ذاك الذي لا يُعلن برنامجه أمام اللبنانيين، ولا يختار من اختارهم نسيب لحود لحضور حفل الإعلان.

هل كان علينا ان ندرك ان لا مكان للرجل على رأس جمهوريتنا عندما نمي الينا وإليه ان “14 آذار” تفاوض على مقعده مع مرشح يمثل علامة انحطاط كبرى ومخيفة.

وهل من لحظة سياسية أنقى من ان يجتمع في شخص واحد خصومة ميشال عون وأمين الجميل له؟ وان يكون حاداً وحاسماً في رفضه سلاح “حزب الله”، ومدركاً ان “14 آذار” استنكفت عن مخاطبة جمهور لن يكتمل الربيع من دونه، وهو لم يكتمل فعلاً. فما موت نسيب لحود سوى تتويج مكثف لعدم انعقاد ربيعنا.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: