أرشيف
العراق ـ لبنان… وحدة المسار والمصير - مصطفى فحص (الشرق الأوسط) الأربعاء 18 نيسان 2018 لم يكن التاسع من أبريل (نيسان) 2003 تاريخاً لسقوط نظام البعث فقط، بل تهاوت معه قواعد السلطة التي حكمت دول شرق المتوسط بعد الحرب العالمية الثانية، قواعد قامت أصلاً على الثوابت السياسية للموروث العثماني، ولكن بعد التاسع من أبريل، لم يعد ممكناً مقاربة التغيير في العراق دون ربطه مع سوريا، فقد واجهت النخب السياسية والفكرية العربية التي تبنت تعويم أنظمة العسكريتاريا العربية سؤالاً وجودياً تجنبته لعقود، هل يمكن لنظام البعث السوري الأقلوي أن يستمر في حكم الشام بعد سقوط حكم البعث العراقي الأقلوي في بغداد؟ وكيف يمكن الرد على قرار إسقاط أنظمة البعث في المنطقة؟ عملياً ظهرت أولى ملامح السقوط هذا في لبنان، عندما استغلت أحزاب المعارضة اللبنانية هذا التغيير لتطالب المجتمع الدولي بالضغط على نظام البعث السوري من أجل سحب جيشه من لبنان، لكن التجربة حتى اليوم تؤكد أن للبعث دائماً رأياً آخر، فخسر لبنان والمعارضة رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005، وهو العام الذي انفجرت فيه حرب طائفية بالعراق بعد أن تدفق «الجهاديون» إلى داخله عبر حدوده المشتركة مع بعض من دول الجوار، حيث مرّ البلدان بدورة عنف قاسية تزامنت مع أزمة سياسية عميقة وانقسامات عامودية كادت تطيح بما تبقى من هيكل الدولة ومؤسساتها، الأمر الذي أدى إلى قناعة صنّاع القرار في المنطقة وفي العالم بربط الاستقرار في لبنان والعراق بتغيير نظام البعث السوري، لسلوكه وتوقفه عن بيع الأمن لجواره في معركة الدفاع عن نفسه. فعلياً كان الهدف من اغتيال الحريري والاغتيال المبكر للتجربة العراقية بعد البعث، منع الأكثرية السياسية أو الأغلبية الطائفية من الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع التي تفرز تعددية سياسية تساعد في إعادة تشكل الأوطان بعيداً عن الشعارات القومية والعقائدية، التي كان من الممكن أن تصل عدواها إلى دمشق التي انقضّت كأنها تريد الإفلات من فكي كماشة عراقية – لبنانية.
بين انشغال العراقيين بتحقيق خطوات نوعية للخروج من الهيمنة الإيرانية، واندفاع اللبنانيين نحو مهادنتها لدرجة القبول الضمني بهيمنتها، تتشكل عناوين مواجهة جديدة في المنطقة مرتبطة بمستقبل الصراع على سوريا بعد الضربة الغربية للأسد من جهة، ومن جهة أخرى الحدود التي سوف تسمح فيها طهران لبغداد وبيروت بإعادة تموضعها على مفترق طريق إقليمية ودولية تضر بمصالحها على طول طريقها السريعة الممتدة من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق، حيث تحتشد وتحشد القوى العظمى لمنازلة كبرى ستعزز معادلة وحدة المسار والمصير بين العراق ولبنان التي بناءً عليها سيعاد رسم حدود النفوذ الدولي والإقليمي شرق المتوسط، حيث يبقى للحديث صلة… |
|||||
|